أهلاً بكم في عيادتي. سأشرح لكم هنا عن مرض آلام أسفل الظهر المزمنة، بحيث سأقدم لكم أولًا نبذة عن تركيب أسفل الظهر، ثم نتكلم عن الأعراض المصاحبة لهذا المرض وأسبابه الشائعة منها وغير الشائعة، وكيفية التشخيص ومختلف طرق العلاج التي يمكنها التقليل من هذه الآلام أو التخلص منها نهائيًا.
آلام أسفل الظهر المزمنة من الأمراض الشائعة التي تصيب فئة كبيرة من النساء، فقد أظهرت الدراسات الحديثة أن أغلب الحالات المنتشرة كانت لمن تتراوح أعمارهم بين 45 و54 سنة، وتتزايد النسبة مع التقدم في العمر.
إذا كنت واحدًا ممن يعاني من هذا المرض المزمن فأنت تدرك مدى شدة الألم الذي تشعر به. آلام الظهر المزمنة تختلف من حيث الشدة، حيث يبدأ الألم بشكل طفيف ثم يتزايد تدريجيًا حتى تصل درجة الألم لعدم الاحتمال. لكن لا لا داعي للقلق لأننا سوف نحرص على تشخيص المرض وتقديم العلاج المناسب والتدابير الوقائية لتجنب نوبات الألم وتخفيفها، وشرح الحالات التي تحتاج فيها لزيارتنا.
نبذة عن تركيب أسفل الظهر
منطقة أسفل الظهر تمثّل الجزء السفلي من العمود الفقري، ويسمى هذا الجزء العمود الفقري القطني (lumbar spine) ويتكون من خمس فقرات قطنية (vertebrae lumbar)، أو ست فقرات عند بعض الأشخاص.
تفصل بين الفقرات أقراص (غضاريف) مسطحة أكثر طراوة تحتوي على سوائل، تعمل “كمخدات” لامتصاص الصدمات او الضغط الذي يتعرض له عظام العمود الفقري.
مع تقدّم السن تقل كميّة السائل الذي في الغضاريف، مما يؤدي إلى تقلص (انكماش) الأقراص ورقتها لذل يزيد احتكاكها وتآكلها وبالتالي تسبب التهابات مزمنة في أجزاء العمود الفقري المتأثرة.
الأعراض
من أجل تشخيص ووضع العلاج المناسب لحالتك من الأحسن تحديد الأعراض ونوع الألم الذي تشعر به قبل زيارتنا، لأنه توجد أنواع مختلفة من الألم منها ما يلي:
الأعراض الشائعة:
ألم متكرر: شعورك بألم متكرر أسفل الظهر مصحوب بتشنجات عضلية خفيفة أو شديدة.
ألم ينتقل إلى الساقين: شعورك بألم حاد أو لاذع أسفل الظهر ينتقل إلى الجهة السفلية من الفخذين، الساقين أو حتى القدمين، تعرف هذه المشكلة بعرق النسا نتيجة لتهيج العصب الوركي في جانب واحد من الجسم.
ألم بعد الجلوس لوقت طويل: تتفاقم ألام أسفل الظهر بعد جلوسك لفترات طويلة بسبب الضغط الذي تلقته الأقراص الموجودة في العمود الفقري.
ألم يخف بعد تغيير وضعية الجسم: يمكن لوضعية جسمك أن تغير شدة الألم، فإذا كان المشي على سبيل المثال مسببا للألم فإن الانحناء قليلا خلال دفع عربة التسوق قد يخففه قليلا.
ألم بعد الاستيقاظ من النوم: يحدث هذا الألم نتيجة تصلبك لفترات طويلة أو بسبب جودة المراتب والوسائد، وفي العادة تخف شدة الألم بعد التحرك قليلا.
ألم يتطور ببطء مع مرور الوقت: هو ألم مستمر، يبدأ بالظهور ببطء بعد نشاط معين ويستمر حتى نهاية اليوم.
ألم يختفي ثم يظهر مجددًا: يكون هذا الألم غير مستقر، يختفي مدة ويعود لكن شدته تزيد تدريجيًا مع مرور الوقت.
ألم بعد إصابة بسيطة: شعورك بألم حاد وفوري أسفل الظهر بعد حدوث إصابة ناتجة عن حركة مفاجئة أو غير معتدلة سببت ضرر للعمود الفقري أو العضلات الداعمة له، وفي بعض الأحيان يتأخر شعورك بالألم لأيام بعد الحادثة ليصبح أشد.
آلام أسفل الظهر المزمنة من الأمراض الشائعة التي تصيب فئة كبيرة من النساء، فقد أظهرت الدراسات الحديثة أن أغلب الحالات المنتشرة كانت لمن تتراوح أعمارهم بين 45 و54 سنة، وتتزايد النسبة مع التقدم في العمر.
متى تحتاج مراجعتنا لشكل مستعجل؟
هناك بعض العلامات قد تدل على وجود مشكلة أو خلل يحتاج عناية لمنع تفاقمه، ومنها:
- إذا كان المريض بآلام الظّهر دون الثامنة عشرة أو فوق الخمسين من عمره.
- إذا كانت آلامُ الظّهر بسببِ التّعرض لإصابةٍ ما.
- إذا كانت آلام الظّهر مصحوبة بألم أو تنميل أو ضعف في أحد الأطرافِ السفليّة أو كليهما، سواء أكان ذلك في الفخذ، أو الساق، أو القدم.
- إذا كان هناك تغيرٌ في استقامة العمود الفقري.
- إذا كانت آلام الظّهر مصحوبة بارتفاع في درجةِ حرارة الجسم، أو إعياء شديد، أوبنقص الوزن ، أو فقدان الشهية.
- إذا بدأ الشعور بآلام الظّهر بعد التّعرّض لالتهاب بكتيري في مكان آخر في الجسم.
- إذا كانت آلام الظّهر مصحوبة بتبرز أوتبول لا إرادي أو صعوبة في الإخراج.
- إذا كانت آلامُ الظّهر مستمرةً وشديدةً جداً.
- إذا كان الشّخصُ الذي يعاني من آلام الظّهر لديه تاريخٌ مرضيٌّ بالإصابة بالسّرطان وإن كان قديماً، أو كان من مرضى نقص المناعةِ أو مستخدمي علاج الكورتيزون.
الأسباب
أولاً: الأسباب الشائعة
آلام أسفل الظهر قد تنتقل من مرحلة الألم العابر إلى مرحلة الألم المزمن إذا استمرت لأكثر من ثلاثة أشهر، مما يعني أن هناك مشكلة صحيّة لابد من الانتباه لها وتشخيصها.
هشاشة العظام: تعد من أهم الأسباب في العصر الحديث وترتبط بتقدم السن وقلّة الحركة والنشاط. حيث يسبب ضعف العظام في تآكل مفاصل ووجه الأقراص الفاصلة بين الفقرات مما ينتج عنه ألم والتهابات في مستوى واحد أو أكثر من العمود الفقري.
الإجهاد والتعب: قيامك بمهام متعبة تتطلب رفع أثقال أو غيرها من النشاطات المجهدة قد تعرض عمودك الفقري للضغط والإجهاد.
الحمل: الشعور بألم أسفل الظهر خلال فترة الحمل أمر طبيعي بسب التغيرات التي تحصل للحامل كزيادة في الوزن على سبيل المثال.
الانزلاق الغضروفي: حدوث ضغط على فقرات الجزء السفلي من عمودك الفقري مما يؤدي لبروز الأقراص التي تقع بين الفقرات او تحركها من مكانها، وهو ما يسبب التهابات وضغط على الأعصاب، ومن ثم ألم مزمن أسفل الظهر.
الإصابات: سقوطك أو تعرضك لحوادث خطيرة مثل حادث السيارة قد يسبب ضغط على العمود الفقري وتلف الأربطة والأوتار أو تشنجات عضلية.
ثانيًا: الأسباب النادرة
عدم اعتدال في العمود الفقري: قد يكون عبارة عن انحناء في العمود الفقري (الجنف)، أو تقوس أسفل الظهر (تقوس)، أو قوس خارجي مفرط للعمود الفقري (تليّف).
السِنسِنة المشقوقة: وهو عبارة عن تطور غير مكتمل للعمود الفقري والحبل النخاعي، لهذا تظهر مشاكل على مستوى الفقرات.
داء القرص التنكسي: هو تغير طبيعة الأقراص من الطبيعة الرطبة إلى حالة جفاف، وفقدان للسوائل وتآكل مع التقدم في السن، هذه الحالة تتسبب في ألم حاد وضعف يؤدي إلى فتق في العمود الفقري، ومن ثم ألام.
التهاب المفصل العجزي: يتمثل دور المفصل العجزي في امتصاص الصدمات والتوتر بين الجزء العلوي والسفلي من الجسم، تعرضه للضغط والإجهاد قد يصيبه بخلل وظيفي والتهاب يسمى التهاب المفصل العجزي.
التضيّق الشوكي: بعض التغيرات والأمراض تسبب تضيّق في القناة العصبية داخل العمود الفقري، وقد تسبب هذه الحالة ضغطًا على الأعصاب والحبل النخاعي.
التشخيص
سأطرح عليك بضع أسئلة تتعلق بالأعراض التي تشعر بها، ودرجة الألم الذي تحسّ به أسفل ظهرك ونوعه. لذا من المستحسن وصف حالتك لنا بشكل صحيح وذكر كافة الأعراض التي صاحبتك خلال فترة المرض.
أقوم في العادة بإجراء بعض الفحوصات لتقييم قدرتك الجسدية فيما يخص الجلوس والوقوف ورفع الساقين، إضافة إلى واحدة من هذه الاختبارات أو عدد معين منها: كالأشعة العاديّة، والأشعة المقطعيّة، واختبارات الدم، والتصوير بالرنين المغناطيسي وغيرها.
كيف اتعامل مع ألم الظهر؟
هل اذهب للطبيب؟ تأكد من عدم وجود أياً من العلامات الخطرة لألم الظهر، وفِي حالة وجودها… سارع بمراجعة مختص.
أولاً: الوقاية من المسببات
كيف اجلس؟ اجلس باستقامة وأرخ أكتافك واستند على خلفية الكرسي مع وضع مخدة صغيرة خلف أسفل الظهر وابتعد عن الجلسات الخاطئة والتي يكون وضع الظهر فيها غير طبيعي
كيف أقف؟ حين المشي او الوقوف، ابق ظهرك مستقيماً بشد عضلات البطن وافرد الاكتاف
كيف أتحرك؟ استمر بالنشاط والحركة ولا تستسلم للراحة، احرص على المشي الرياضي وابتعد عن المشي بغرض التسوق.
كيف انام؟ عند النوم، ضع مخدة تحت الركبة حين الاستلقاء او بين الركبتين حين النوم جانباً وابتعد عن نوم البطن او الوضعيات الخاطئة.
هل أغير سريري؟ تجنب النوم على الاسرة الناعمة او المخدات المرتفعة، احرص على ان يكون سريرك متوسط بين القساوة والليونة
هل استخدم كمادات باردة او دافئة؟ استخدم الكمادات الباردة في اول ٢٤ ساعة لتخفيف الالم والالتهاب الناتج عن الإصابة الحادة ثم تحول الى الدافئة بعد ذلك لإرخاء العضلة وزيادة التروية الدموية، ولا تبقي الكمادات لأكثر من ٢٠ دقيقة
هل استخدم أي أدوية؟ استخدم بعض المسكنات الخفيفة والعلاجات الموضعية المضادة للالتهابات، إذا لم يكن هناك اي محظورات طبية
الضغط النفسي: ابتعد عن الضغوط النفسية والإرهاق البدني، أعطي جسدك وذهنك قسطاً من الراحة
التمارين: احرص على تمارين تقوية عضلات البطن والظهر
التدخين: توقف عن التدخين، فهو يزيد من فرصة حدوث الام الظهر ويؤدي الى هشاشة العظام
الكعب العالي: توقفي عن لبس الكعب العالي فهو يعمل على اختلال توازن الظهر ويزيد الضغط على أسفل الظهر
حمل الحقائب: ابتعدي عن حمل الحقائب اليدوية الثقيلة، فهي تؤدي ال اختلال توازن العمود الفقري والضغط غير المتساوي على الفقرات
العلاج الغير جراحي (التحفظي)
طرق علاج آلام أسفل الظهر تختلف حسب شدة الألم والوضعية الصحية للمريض، ومن بين العلاجات التي بإمكانها مساعدتك على التخلص أو التخفيف من ألمك:
في أغلب الأحيان، تكون آلام أسفل الظهر بسيطة ولا تحتاج الى عمليات جراحية، وبإمكانك التحسن والتخلص من الألم فقط باتباع هذه الطرق العلاجية:
العلاج الطبيعي: وهي عبارة عن تدريبات وتمارين بدنية يُعلّمها لك أخصائيون، تعمل على زيادة مرونة الجسم وتقوية عضلات الظهر والبطن وتحسين حركة المفاصل، وهو ما يمكن أن يساعدك بشكل كبير على التقليل من آلام الظهر والتحرك بشكل طبيعي مرة أخرى.
نعتمد في هذه الطريقة من العلاج على العديد من التقنيات المفيدة لأنواع مختلفة من آلام أسفل الظهر كآلام أسفل الظهر غير المحددة، وألم العصب الوركي، وآلام الظهر الناتجة عن الشيخوخة، والتضيّق الشوكي.
ومن بين هذه التقنيات: تمارين تقوية منطقة الحوض، وتمارين تثبيت الفقرات القطنية، وتمارين الركض والمشي لمسافات طويلة، والتدريب الوضعي.
الحركة والنشاط الخفيف: يعد الانتظام على المشي وممارسة الرياضة الخفيفة والمداومة عليها، والتي يمكن القيام بها بدون الاعتماد على أخصائي العلاج، من أهم النشاطات التي قد تقلل من الآم الظهر وتشفى منها بشكل تام في حال المواظبة على النشاط. الحركة والرياضات الخفيفة لا يقتصر نفعها على الظهر وآلامه، بل هي مفيدة جدًا للأمراض المزمنة الأخرى مثل؛ أمراض القلب والشرايين، والسكر، والضغط، وزيادة الوزن، وغيرها.
تجنب الأنشطة المجهدة: ذلك لا يعني امتناعك عن الحركة فهذا يزيد من المشكلة والضرر، ولكن لتخفيف الألم الظهر ننصحك بتجنب النشاطات المجهدة كرفع الأثقال وحمل الأشياء الثقيلة الرياضات العنيفة.
العلاج بالحرارة والبرودة: من أجل إرخاء العضلات المتوترة وتحسين تدفق الدم، استعن بحمام دافئ أو لفائف الحرارة الكيميائية أو وسائد التدفئة الكهربائية، تساعدك هذه الطريقة على زيادة تدفق الدم والأكسجين الذي تحتاجه العضلات للشفاء، كما أن العلاج باستخدام عبوات الثلج مفيد للتخلص من التورم خاصة بعد القيام بنشاط بدني.
تناول الأدوية التي لا تحتاج وصفة طبية: وهي مضادات الالتهابات التي تخفف من آلام أسفل الظهر مثل: الأسبيرين واليبوبروفين والنابروكسين.
تمديد العضلات: ممارستك لتمارين التمديد مفيدة جدا للتخلص من الألم لأنها داعمة لوزن الجزء العلوي من الجسم، لكن يجب أن تقوم بهذه التمارين بشكل صحيح ولمدة قصيرة لا تتجاوز 30 دقيقة لتفادي أي حوادث.
دعامات الظهر: ارتداء الدعامات من شأنها تخفيف الألم، ولا مانع من ارتدائها يوميًا لتسريع العلاج خاصة بعد جراحة الظهر.
العلاج الجراحي
لا ننصح بالعلاج الجراحي إلا بعد تجربتك لجميع الحلول غير الجراحية وفشلها، وسوء الحالة الصحية وتفاقم شدة الألم أسفل الظهر، أو ظهور علامات للضغط على الأعصاب مثل الضعف في الرجل. في حال رأينا ان حالتك تستدعي التدخل الجراحي، فسنناقش معك حالتك والخيارات الجراحية المناسبة لك عند زيارتنا.
تتلخص خيارات العلاج الجراحي بالتالي:
عملية دمج الفقرات: نستخدم هذه الطريقة في حالة عدم استقرار عمودك الفقري، وفي حالة الجنف وداء القرص التنكسي، هدفها دمج الفقرات المؤلمة معا حتى تلتئم في عظم واحد صلب، وهي الخيار الأمثل إذا كنت تعاني من ألم مزمن أسفل الظهر خلال الحركة.
عملية استبدال القرص الغضروفي: من أكثر العمليات فعالية، بحيث نقوم فيها باستبدال القرص الفقاري التالف بآخر اصطناعي، بهدف السماح للجزء الشوكي بالحفاظ على مرونته وحركته الطبيعية.
عملية استئصال القرص الغضروفي: نقوم بها من أجل تخفيف الضغط على العصب من خلال استئصال الجزء التالف من القرص.
عملية استئصال الصفيحة الفقرية: ويتم من خلالها إزالة واستئصال الصفائح والأربطة السميكة، ونتوءات العظام الضاغطة على الأعصاب، مما يخفف من الضغط على القناة الشوكية والآلام على مستوى الأعصاب.